اجازة ممارسة العمل الاكاديمي عنصر مهم لضمان جودة التعليم العالي العراقي

اجازة ممارسة العمل الاكاديمي عنصر مهم لضمان جودة التعليم العالي العراقي

أ.د.عبد الرزاق عبد الجليل العيسى
المستشار الثقافي العراقي-المملكة الاردنية الهاشمية-عمان
razakaa@el-essa.com
شهدت الجامعات العراقية تميزاً في مخرجاتها وادائها للسنوات التي سبقت عام 1980, بالمقارنة مع الجامعات في دول الشرق الاوسط ودول العالم النامي , ويمكن القول ان بعض اسباب تقدمها يعود للنظم والمناهج والادارة المتبعة في حينها والمستنسخة من المؤسسات العلمية والاكاديمية البريطانية بالاضافة لصناع القرار في القيادات العليا في التعليم العالي والاكاديمين الذين كان معظمهم من المتميزين علمياً في جميع مراحل دراستهم في العراق لذا تم اختيارهم للابتعاث لأكمال دراستهم العليا وفي افضل الجامعات البريطانية والامريكية والاوربية ومنذ الخمسينات من القرن الماضي . ولقد ظهرت شهرة التعليم العالي ورقيه من خلال برامجها التعليمية والمهنية والذي انعكس عمليا وميدانيا على اداء الجامعات وجودة مخرجاتها ومن خلال رقي عملهم بعد توظيفهم في معظم المؤسسات التربوية والتعليمية والصحية والاقتصادية والاجتماعية الرسمية او غيرها . لقد كانت مخرجات الجامعات عالية الجودة حيث انها انتشرت في مختلف دوائر الدولة , والذي انعكس ادائهم في تلك الدوائر ليصبح عملها جيداً ورصيناً.لقد حصل ما يؤسف له هو ادخال العراق في حرب عبثية مع ايران استمر مداها ثمانية سنوات حيث زج بها جميع شباب العراق وحتى كبار السن من موظفي الدولة والقطاع الخاص في مطحنة القتال التي كانت حصيلتها ازهاق ارواح ما يقارب المليون عراقي اضافة الى ما خلفته من ارامل وايتام ومعاقين جسديا بالاضافة الى الاثار النفسية لما تبقى من الكثير من ابناء العراق. لقد كانت الاستعدادات لتلك الحرب هو تهجير مايقارب النصف مليون عراقي في بداية عام 1980 بادعاء انهم من الجذور والاصول الايرانية وسجن واعدام الالاف من الشباب ومعظمهم من طلبة الكليات والمثقفين بادعاء انهم منتمين الى احزاب اسلامية او يسارية , كل هذا ادى الى ترك فراغ في كثير من دوائر الدولة ومن ضمنها الجامعات العراقية واضيف اليها تراجع المستويات العلمية للطلبة بعزوفهم في دراستهم وعدم جديتهم وعدم رغبتهم في النجاح والتخرج من الجامعة كونهم سيزجوا بما يسمى بخدمة العلم والانضمام الى المنظومة العسكرية وعندها سيساقوا الى محرقة الحرب حال تخرجهم وعموماً ان العوامل اعلاه بالأضافة الى عوامل كثيرة اخرى سببت هجرة كثير من الاكاديميين ,وخاصةً بعد احتلال الكويت من قبل الحكومة الصدامية وليس العراقية عام 1990 , مما اضطر مسؤولي التعليم العالي بفتح الدراسات العليا في الكليات والاقسام العلمية التي لا تمتلك بعضها الى ابسط المقومات لمنح شهادات البكالوريوس فكيف وهي تمنح شهادتي الماجستير والدكتوراه . لذا ان التراجع العلمي الذي اصاب مؤسسات التعليم العالي بعضه يعزى لضعف المؤهلات العلمية والتربوية والثقافية وحتى الاخلاقية لبعض التدريسيين وعدم امكانيتهم التواصل مع الطلبة وحتى مع زملائهم من التدريسين والادارات الجامعية وعدائهم لكل ماهو متميز وناجح وكما هو حاصل في باقي الدول النامية والبعض الاخر هو عدم توفر المستلزمات الدراسية وعدم التواصل العلمي مع المؤسسات العلمية في الدول المتقدمة علميا وتقنيا .
ان معظم معايير جودة التعليم العالي لم تشير الى مواصفات محددة لتميز جودة مؤهلات التدريسيين سوى شهادته ومؤشرات المرتبة العلمية والتي تعتمد على نشره للبحوث العلمية وسنوات خدمته فقط ناسين مشاركاته في المؤتمرات العلمية ومشاركاته في الدورات التدريبية ضمن تخصصه ومشاركاته في اللجان العلمية واتقانه اللغات الاجنبية او تقنيات الحاسوب بالاضافة الى حتى ادائهم في قاعات المحاضرات وتقييمه من قبل طلبته وزملائه من التدريسسن والعاملين معه في المؤسسة.
لقد أن الأوان لوضع الضوابط والاسس للعمل بالاجازات او الرخص لكل من يرغب ممارسة العمل الاكاديمي في الجامعات العراقية والكليات الجامعية والذي يوجب على من يتقدم للتعيين ليصبح عضو هيئة تدريس في الجامعات ان يحصل عليها ومن مؤسسة او لجنة مركزية يتم اعتمادها لتضم في ادارتها من الاكاديمين ممن يتم اختيارهم من بين اعضاء هيئة التدريس العاملين في اي من الجامعات وعلى ان يكون معظمهم من حملة مرتبة الاستاذية وتغطي تخصصاتهم مختلف حقول المعرفة المتعددة ما امكن ومن المعروفين بنزاهتهم وعلميتهم ومبدأيتهم . ويفضل ان يخضع المتقدم للتعيين الى امتحان تحريري ومقابلة او عرض محاضرة امام اعضاء لجنة منح الاجازة وتدارالاختبارات كلها الكترونياً عن بعد وتسجل وتوثق صوتياً وصورياً (فديويا).
ان الشروط الواجب توفرها في طالب منح الاجازة للعمل الاكاديمي يمكن تلخيصها بما يلي :
1- ان يكون حاصلاً على الشهادة الجامعية العليا من جامعة معترف بها وتمت معادلتها وفقاً للتشريعات النافذة وبتقدير جيد بالأقل او ان يكون طالب الاجازة للتدريس في كليات الطب وكليات الفنون حاصلاً شهادة مهنية متخصصة سارية المفعول ومن مؤسسة اكاديمية او مهنية معترف بها من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
2- ان يكون حاصلاً على شهادة البكالوريوس بدرجة لا تقل عن 65% او من الربع الاول مابين اقرانه في دفعته من الخريجين.
3- ان يكون قد اجتاز امتحان دولي في اللغة الانكليزية والحاسوب وبدرجة تحدد حسب تخصصه ونوع الاختبار العالمي.
4- حصوله على درجة لا تقل عن 70% من الدورات التدريبية العلمية المتخصصة وطرائق التدريس والدورات التربوية والتطويرية التي تعدها المراكز الرسميةاو العالمية.

يمكن ان يعاد طلب منح الاجازة بعد سنة او ستة اشهر لمن لم يوفق في منحه الاجازة للحالات التي يمكن اعادة النظر بها وكذلك يطلب تجديد الاجازة من الحاصلين عليها كل ثلاثة سنوات او سنتين وفي السنوات الاولى من ممارسة العمل الاكاديمي وبأضافة عامل اخر هو تقييم طلبته وزملائه التدريسيين وفي حالة الضرورة وعند الحاجة لكادر معين من غير الحاصلين على الاجازة للعمل الاكاديمي وذو تخصص نادر فيمكن تكليفه (وليس تعيينه) للتدريس لسنة دراسية واحدة وبصفة محاضر غير متفرغ.
وبهذه الممارسة نكون قد اضفنا عنصر مهم الى عناصر جودة مؤسسات التعليم العالي العراقية متناغماً ومراعيا وضعها الحالي والظروف التي مرت بها وسلبياتهاوالتي سببت التدهور والتردي الذي نراه الان والتي تعتبر خطوة مهمة لاصلاح اهم ركن من اركان التعليم العالي العراقي ومعيار لجودته.
http://www.alrafedein.com/news.php?action=view&id=9513