الاستراتيجية الوطنية للتعليم الرقمي….. وضرورة الاقرار والتشريع

الاستراتيجية الوطنية للتعليم الرقمي..... وضرورة الاقرار والتشريع

أ .د. عبد الرزاق عبد الجليل العيسى

تتسارع معظم دول العالم بإعداد تعليمات وضوابط وقوانين للبرامج والتطبيقات المكتشفة حديثا قبل اعتمادها والتعامل بها وعلى كافة الأصعدة الوطنية، في مؤسسات الدولة او في الحياة الاجتماعية، او الإقليمية او العالمية. ولكن للأسف ان ما حصل، في العراق، ومنذ عشرات السنين وما يحصل الان هو السماح للترويج واستخدام الكثير من الأجهزة الحديثة والبرامج والتطبيقات المرتبطة والمقترنة بها من دون ان تشرع القوانين والضوابط التي تضبط وتضمن حسن استخدامها ومردودها الإيجابي. ان الامثلة كثيرة ومتشعبة ولكن أهمها هو الانفتاح الذي حصل من خلال استخدام البرامج والتطبيقات على الأجهزة الالكترونية كالموبايل والحاسبات الالكترونية والكاميرات الالكترونية التي شاع استعمالها بعد عام 2003 بعد المنع والعقوبات التي طالت مستخدميها خلال الحكم الدكتاتوري المقيت. لقد اقترن الاستخدام السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي والاعلام وتزييف الحقائق، من قبل الجهلة وأصحاب الاجندات، مع بعض الممارسات التي تسيء للأخرين بسبب عدم تشريع القوانين والضوابط التي تحافظ على خصوصية وحقوق الاخرين. لقد عجزت السلطات القضائية في الحكم لكثير من التجاوزات التي حصلت جراء الاستخدام السلبي والممارسات اللاأخلاقية لعدم توفر النصوص التي يتم اعتمادها في الحكم على المتجاوزين والمخالفين بحكم القوانين والشرائع المنصوص عليها عالميا والتي تضمن حقوق الانسان وهيبة مؤسسات الدولة والمكلفين بالخدمة العامة. وبسبب حداثة هذه البرامج والتطبيقات على الشعب العراقي وعدم وضع الاستراتيجيات والخطط اللازمة لإدخالها حيز التنفيذ وعدم الاعلان والتثقيف لميزاتها الإيجابية ومردوها في تسهيل الكثير من الإجراءات التي سينعكس مردودها على حياة المواطنين وأداء مؤسسات الدولة لذا بقي استخدامها والاستفادة منها ضعيف جدا.
كان من الضروري الإسراع في تنوير المجتمع العراقي عن ميزات استخدام التطبيقات الالكترونية الحديثة والمتجددة باستمرار وأثرها في تسهيل التعاملات الحياتية والمزايا الايجابية الكثيرة والكبيرة جراء استخدامها في مجالات التعليم والتعلم فضلا عن أهميتها في التواصل الايجابي مع العالم الخارجي. لقد حضرنا مناسبات عديدة أعلن من خلالها إطلاق مجموعة من البرامج والتطبيقات الجديدة والحديثة عالميا موثقة بالقوانين والتعليمات والضوابط التي تنظم عملية استخدامها وتحفظ حقوق مبتكريها وتحد من الاستخدام السلبي لها. لقد شهدت المؤتمر العالمي للفضاء الذي عقد في فينا، عام 2018، برعاية الرئيس النمساوي وحضور مجموعة من رواد الفضاء حيث أطلقت فيه مجموعة من التطبيقات والبرامج، في مجالات الفضاء المختلفة، التي ارفقت بها التشريعات والتعليمات والضوابط التي تنظم الية استخدامها.
في عام 2009 تم العمل على انشاء منصة الكترونية للدراسات العليا في جامعة الكوفة وتم توفير مساحات الكترونية في موقع الجامعة الالكتروني لكل تدريسي يرغب بالتواصل العلمي مع طلبته او مع المؤسسات العلمية العالمية مما أتاح للكثير منهم بالاستفادة من هذه الفرصة وحفز الاخرين للمسير بنفس الخطوات حيث تمت إشاعة التعليم الالكتروني في الجامعة وحينها حصلت الجامعة على المرتبة الأولى بين الجامعات العراقية في تصنيف الويب متركس الذي تعتمد معايير تميزه على المؤشرات العلمية المعلنة على المواقع الالكترونية للجامعات.
عام 2018 تم التوجيه في هيئة الرأي ولكافة الجامعات بضرورة اعتماد التعليم المدمج في الدراسات العليا والذي يجمع بين التعليم الالكتروني والتعليم التقليدي، الحضوري، واشرنا الى مقالاتنا المنشورة عام 2014، لما فيها من تفاصيل كثيرة عن الميزات الإيجابية في تطبيقه واهدافه وفلسفته، والموسومة (توظيف التكنولوجيا والتعليم الالكتروني في حل مشاكل التعليم العالي) و( لماذا التعليم الإلكتروني) و ( شفافية المواقع الالكترونية للجامعات وتصنيفها عالميا).لقد شرعت بعض الجامعات لاعتماد التطبيق وابدع بعض التدريسين في التواصل الالكتروني مع طلبتهم والمؤسسات العالمية ولكن للأسف عزف اخرين عن التفاعل مع توجيه الوزارة ولأسباب عديدة واهمها هو الجهل وعدم ادراك أهمية التجديد والتغيير لمسيرتهم العلمية والمهنية والذي سينعكس على جودة اداء الجامعة ومخرجاتها.
عصفت جائحة كرونا، في اذار 2020، على معظم دول العالم وسببت توقفت الدراسة الجامعية التقليدية، الحضورية، لتتحول الدراسة في جامعات بلدان العالم المتقدمة الى التعليم الالكتروني، مباشرة، لتأقلم التدريسيين والطلبة عليه منذ سنوات عديدة. اما الجامعات التي ليس لديها تجربة في التعليم الالكتروني سابقا ومن ضمنها الجامعات العراقية، ولم يتم تدريب منتسبيها على برامجه فضلا عن عدم توفر البنى التحتية لتقنيات التعليم الالكتروني، أرغمت على استخدام بعض البرامج والتطبيقات الالكترونية بشكل عشوائي لإنهاء العام الدراسي 2019/2020 والتي رافقها الكثير من السلبيات.
عملت بعض الدول العربية خلال فترة العطلة الصيفية، تموز واب 2020، لترتيب أوضاعها ووضع الخطط والاستراتيجيات الوطنية للتعليم الالكتروني للعام الدراسي 2020/2021 ضمن برامج وتطبيقات التعليم المدمج مع بعض التشريعات والإجراءات اللازمة وكما هي في ادناه:
1-إقرار اعتماد التعليم الالكتروني بعد وضع التشريعات والقوانين والضوابط اللازمة للحفاظ على الرصانة العلمية.
2-اعداد الخطط والاستراتيجية الوطنية للتعليم والتدريب الالكتروني ولكافة مستوياته.
3-تشريع القوانين والتعليمات والضوابط لألية تقييم الطلبة.
4-استحداث مراكز لتدريب وتطوير التدريسيين للتعليم الالكتروني، في بعض الدول، ومراكز للتعليم الالكتروني والتحول الرقمي، في دول أخرى، لتأهيل الملاكات التدريسية للتعليم الالكتروني ولكافة مستوياتهم فضلا عن الإداريين في المؤسسات التعليمية.
5- اعتماد طرح المحتوى الأساسي للمواضيع في المحاضرات الالكترونية من دون الخوض في تفاصيلها المعمقة واعتماد القاعات الدراسية والتعليم الحضوري للمناقشات المتعلقة بالمواضيع النظرية وكذلك المختبرات للجزء العملي.
6-التواصل مع الجامعات العالمية، واتحاد جامعات الدول العربية وبعض المنظمات والمؤسسات العالمية المعنية بالتعليم ومؤسساته كاليونسكو وكورسيرا، للحصول على برامجهم وتجاربهم وخبرتهم في التعامل مع التعليم الرقمي.
لقد عملت وزارة التعليم العالي العراقية بكل جهد لإنهاء العام الدراسي 2019/2020 حيث اعتمد البعض من منتسبيها والخبراء في التعليم الالكتروني على الورش والندوات الالكترونية المحدودة الحضور لعرض التفاصيل والاليات التي اقرتها الوزارة رسميا بشأن اعتماد التعليم المدمج. اما البعض الاخر ظهر في القنوات الفضائية، الغير متخصصة والغير رسمية، لطرح افكاره والاعلان عن برامج معينة بنفس الشأن والتي لا تعتبر ملزمة للجميع. وبما ان العام الدراسي الجديد قد شارف على البدء واستمرار ضلال جائحة كرونا لذا اقترح العمل على إعادة فتح القناة الجامعية، في موقعها الجديد في كلية الاعلام جامعة بغدااد، فضلا عن استخدام قنوات التواصل الاجتماعي الأخرى الموثقة من قبل الوزارة لتعتمد كمنصات لتأهيل الملاكات التدريسية وتدريبهم على اسس واليات التعليم الالكتروني وضوابط وطرق تقييم الطلبة ولمناقشة واقرار النظم التعليمية التي ستعتمدها الوزارة للعام الدراسي الجديد 2020/2021.

http://nakoonnews.net/index.php?name=News&file=article&sid=1062
https://www.facebook.com/231720874117980/posts/694647537825309/